أضرار شرب الماء واقفًا

أضرار شرب الماء وأنت واقف: دراسة في التأثيرات الصحية

يُعتبر شرب الماء من أبرز العادات اليومية التي تساهم في الحفاظ على صحة الجسم وحيويته. الماء هو العنصر الأساسي الذي لا يمكن للجسم البشري الاستغناء عنه، حيث يلعب دورًا حيويًا في العديد من العمليات البيولوجية مثل الهضم، نقل العناصر الغذائية، تنظيم درجة حرارة الجسم، وتنقية السموم. بالرغم من فوائد الماء الكثيرة، إلا أن طريقة شربه قد تؤثر بشكل كبير على الصحة العامة. من بين العادات التي يثار حولها جدل كبير في الأوساط الصحية هي عادة شرب الماء أثناء الوقوف، والتي يُعتقد أنها قد تضر بالجسم بطرق مختلفة.

لماذا يتجنب البعض شرب الماء أثناء الوقوف؟

العديد من الدراسات والممارسات الشعبية تشير إلى أن شرب الماء أثناء الوقوف قد يكون له تأثيرات سلبية على الجسم. هذه الفكرة لم تأتِ من فراغ؛ فالعوامل البيولوجية والميكانيكية التي تحدث أثناء شرب الماء في هذه الوضعية قد تؤدي إلى بعض المشكلات الصحية. سوف نتناول في هذا المقال أسباب هذا التوجه، ونحلل التأثيرات المحتملة لشرب الماء في هذه الوضعية على المدى الطويل.

1. ضغط الماء على المعدة

عندما يشرب الشخص الماء وهو واقف، فإن الماء ينزل بشكل أسرع من المعدة، مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل المعدة. عند الوقوف، يتم تحميل المعدة والعضلات المحيطة بها بضغط إضافي مما يمكن أن يسبب أضرارًا على المدى البعيد. فعادة ما تعمل العضلات التي تحيط بالمعدة على ضبط حركة الطعام والسوائل عبر الجهاز الهضمي. وعندما يتم شرب الماء بسرعة أثناء الوقوف، يتسبب ذلك في زيادة التدفق المفاجئ للسوائل، مما يؤدي إلى التسبب في الشعور بالثقل في المعدة وقد يكون له تأثير سلبي على عملية الهضم.

2. أضرار على الكلى

الكلى هي المسؤولة عن تصفية السموم من الجسم وتنظيم مستوى السوائل. وعندما يشرب الإنسان الماء بشكل غير صحيح أو في وضعية الوقوف، يتعرض الجسم لنقل الماء بشكل سريع وغير منظم إلى الكلى. هذا التسرع في مرور الماء يمكن أن يؤدي إلى تراكم السوائل بشكل غير طبيعي، ما قد يؤدي إلى زيادة الحمل على الكلى. في بعض الحالات، قد تزداد احتمالية حدوث التهابات في الجهاز البولي أو مشكلات في تصفية السوائل الزائدة.

3. تأثير على المفاصل والعظام

عند شرب الماء أثناء الوقوف، قد تتعرض المفاصل والأربطة في الجسم لضغط غير طبيعي، ما يؤدي إلى زيادة الإحساس بالثقل في الجسم. هذا الضغط المفرط يمكن أن يسبب شعورًا بالتعب والإرهاق، بالإضافة إلى الألم في المفاصل التي تكون أكثر عرضة للإصابة بسبب هذا الضغط المفاجئ. إذا استمرت هذه العادة، قد تؤدي إلى مشكلات في المفاصل على المدى البعيد.

4. تأثيرات على الجهاز الهضمي

عند شرب الماء بسرعة أثناء الوقوف، قد لا تتاح للسوائل الفرصة للمرور عبر الجهاز الهضمي بشكل طبيعي. في الوضع الطبيعي، يكون الجسم في وضعية الجلوس أو الاسترخاء مما يتيح مرور الماء ببطء عبر المعدة والأمعاء. ولكن في الوضع الوقوف، قد لا يتم امتصاص الماء بالطريقة المثلى في الأمعاء الدقيقة، مما قد يؤدي إلى التسبب في مشاكل مثل الانتفاخ أو الشعور بالغثيان.

5. ارتفاع خطر الإصابة بالارتجاع المريئي (GERD)

يعتبر الارتجاع المريئي من المشكلات الصحية الشائعة التي تحدث نتيجة لانغلاق غير كامل في الصمام الذي يفصل المعدة عن المريء. هذه الحالة يمكن أن تكون مقلقة بشكل خاص عندما يتم شرب الماء في وضعية الوقوف، حيث قد يتسبب هذا في رجوع الحمض إلى المريء بسرعة أكبر بسبب تزايد الضغط في المعدة. إذا حدث هذا بشكل متكرر، قد يؤدي إلى تدهور صحة الجهاز الهضمي ويسهم في تفاقم مشاكل مثل حرقة المعدة أو الارتجاع المريئي المزمن.

6. التهيج في الحلق والمريء

تتسبب العادة في شرب الماء بسرعة أثناء الوقوف في تهيج الحلق والمريء بسبب الضغط المفاجئ على جدران المريء أثناء مرور الماء. عندما يكون الجسم في وضعية الوقوف، قد لا يتم توزيع الماء بالتساوي في مجرى الطعام، مما يزيد من احتمال حدوث تهيجات في الحلق. هذا التهيج يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في البلع وألم غير مريح في المريء.

7. زيادة احتمالية الإصابة بالدوخة

أثناء شرب الماء بسرعة، خصوصًا في وضعية الوقوف، قد يشعر الشخص بالدوار أو الدوخة المفاجئة. يحدث ذلك لأن الجسم يواجه صعوبة في استقرار ضغط الدم في هذه اللحظات، حيث لا يتمكن الجسم من تعديل ضغط الدم بسرعة كافية مع تغير وضعية الجسم من الجلوس إلى الوقوف. مع الوقت، قد يسبب هذا تأثيرًا سلبيًا على الدورة الدموية ويسهم في ظهور أعراض أخرى مثل الدوخة أو الغثيان.

8. الشعور بالعطش المستمر

على الرغم من شرب كمية كبيرة من الماء، فإن شربه أثناء الوقوف قد لا يساعد الجسم على الامتصاص الكافي للسائل. وبالتالي، يمكن أن يستمر الشعور بالعطش بسبب عدم امتصاص الجسم للسوائل بالشكل المثالي. هذا قد يدفع الشخص إلى شرب المزيد من الماء دون أن يحصل على الفائدة المرجوة من الترطيب.

التفسير العلمي لعدم فائدة الشرب أثناء الوقوف

يعود سبب عدم نصح الأطباء بشرب الماء أثناء الوقوف إلى أنه في هذه الوضعية، يواجه الجسم تحديًا إضافيًا في عملية امتصاص السوائل. ففي الوضع الطبيعي، يعمل الجهاز الهضمي على استيعاب الماء بشكل تدريجي عبر معدة ممتلئة جزئيًا، مما يمنح الجسم الوقت الكافي للاستفادة من السوائل بشكل صحيح. ولكن عند الوقوف، يمر الماء بشكل أسرع عبر الأمعاء مما يؤدي إلى انخفاض فرص امتصاص العناصر الغذائية والمواد المذابة في الماء.

ماذا يقول الطب البديل؟

أحد الأسباب التي تثير الاهتمام في مجال الطب البديل يتعلق بمبدأ “التوازن” في الجسم. يرى العديد من المعالجين في الطب التقليدي الهندي (الآيورفيدا) أن شرب الماء أثناء الوقوف يسبب اختلالًا في توازن السوائل في الجسم. وفقًا لهذه النظريات، من الأفضل دائمًا شرب الماء في وضعية الجلوس أو الاسترخاء لتحقيق التوازن المثالي داخل الجسم.

التوصيات الطبية المتعلقة بشرب الماء

• شرب الماء ببطء: من الأفضل دائمًا شرب الماء ببطء في وضعية الجلوس أو أثناء الاسترخاء، حيث تتيح هذه الوضعية للماء المرور عبر الجهاز الهضمي بشكل أفضل.

• الكمية المناسبة: يجب تجنب شرب كميات كبيرة من الماء دفعة واحدة، وبدلاً من ذلك، يُنصح بتوزيع استهلاك الماء على مدار اليوم.

• التوقيت المناسب: من الأفضل تجنب شرب الماء فورًا بعد تناول الطعام، حيث قد يعيق الماء عملية الهضم.

خلاصة القول

في النهاية، تعد عادة شرب الماء أثناء الوقوف عادة غير صحية وقد تكون ضارة على المدى الطويل. بالرغم من أن الماء يعتبر أساسًا لحياة صحية، إلا أن الطريقة التي يتم بها استهلاكه تلعب دورًا كبيرًا في تأثيره على الجسم. لذا، من الأفضل تجنب هذه العادة والتركيز على شرب الماء في وضعيات صحية وآمنة لضمان أفضل استفادة ممكنة من السوائل للحفاظ على صحة الجسم على المدى الطويل.